إن ما نعرفه اليوم عن الإنسان وما يدور بداخله محدودًا جدًا مقارنة بما نعرفه عن عناصر البيئة الأخرى والعالم المادي والطبيعي، وحتى هذا القليل من المعرفة العلمية بالإنسان غير معروف إلا للقلة القليلة المتخصصة وهنا تأتي أهمية علم النفس وتجاربه ونظرياته فهو أساسًا علم لفهم الحياة الانسانية بجوانبها المختلفة وهذا العلم له إمكانيات لا محدودة من حيث قدرته على إثراء معرفتنا عن نفس الانسان وسلوكه وما يتحكم بهما، وتلك المعرفة هي التي تساعدنا في التعامل مع الأمراض النفسية وغيرها من الاضطرابات بشكل أفضل.
إن الموضوع الأساسي الذي يتناوله علم النفس بالبحث والدراسة هو الإنسان. وعلى الرغم من أن بقية العلوم الأخرى كعلم وظائف الأعضاء والأنثروبولوجيا وغيرهما من العلوم يكون موضوعها الأساسي هو الانسان أيضًا، فإن كلاً منها يختلف في أنه يركز على جزء وجانب واحد من الانسان، ونجد أن الجانب الذي يهتم به علم النفس هو دراسة كيف يفكر ويشعر الإنسان، كيف يتفاعل مع بيئته، ما الأسباب التي تدفعه للشعور بشئ محدد كالانفعال أو الفرح أو الحزن وكيف يؤثر ذلك على سلوكياته التي يقوم بها، وكيف تساهم أيضًا العوامل الخارجية مثل البيئة والتغيرات الفسيولوجية وتناول المنبهات والمخدرات والكحوليات من تغيير تلك السلوكيات. ويمكننا القول باختصار أن موضوع دراسة علم النفس هو السلوك الإنساني.
أما عن الموضوعات التي يدرسها علم النفس فقد تم تقسيمها وفقًا لمجلة الملخصات السيكولوجية وهي المجلة الرسمية لعلماء النفس حول العالم إلى فئتين كبيرتين: الموضوعات الأساسية الاكاديمية والموضوعات التطبيقية، وكانت كل فئة بدورها تشتمل بداخلها على العديد من الميادين المختلفة؛ حيث نجد أن الموضوعات الأساسية والاكاديمية تشتمل على ما يليّ
علم النفس العام أو التجريبي وهو الذي يصوغ قوانين السلوك من خلال العوامل الخارجية البيئية المؤثرة.
علم النفس الارتقائي أو علم النفس النمو ويهتم بدراسة السلوك في ضوء النضوج العضوي في المراحل المختلفة من الطفولة والمراهقة والشباب وحتى الشيخوخة.
علم النفس الفسيولوجي الذي يهتم بدراسة السلوك في ضوء العوامل العضوية الداخلية المؤثرة.
علم النفس الاجتماعي وهو يدرس قوانين السلوك في ضوء المواقف الاجتماعية والحضارية التي يمر بها الفرد.
علم النفس الشخصية ويهتم بدراسة السلوك في ضوء السمات الشخصية والدوافع الخاصة بالأفراد وحالاتهم المزاجية وتأثيرها على سلوكياتهم.
أما الفئة الثانية وهي الموضوعات التطبيقية، تحتوي على أربعة ميادين أساسية:
علم النفس الإكلينيكي وهو الذي يقوم بتطبيق النظريات التي وصل إليها علم النفس الأكاديمي للوصول إلى التشخيص والعلاج.
علم النفس التربوي ويقوم بتطبيق النظريات التي توصل إليها علم النفس الأكاديمي في التربية والتعليم وذلك لضمان تنشئة الأفراد بأفضل صحة عقلية ونفسية ممكنة.
علم النفس الحربي ويهتم بالصحة النفسية للجنود للحفاظ على روحهم القتالية ومعنوياتهم النفسية، ومساعدتهم لمواجهة الأهوال والفظائع التي يشاهدونها أثناء الحروب دون أن تؤثر على صحتهم النفسية.
علم النفس الصناعي والإداري حيث يتم استخدام علم النفس في إدارة الصناعات والانتاج وتحقيق الأرباح.
هناك العديد من الأفكار الدارجة والتقليدية حول علم النفس والتي تختلف تمامًا عن النظرة العلمية والمنهج العملي الذي يتم استخدامه للوصول إلى نتائج حقيقية ومنطقية لعلم النفس. كانت الأفكار الدارجة تعتمد في تحليلها للأشخاص على تفسيرات غريبة وغير منطقية، كأن يتم التنبؤ بشخصية المرء بناءً على أعضاء جسمه الخارجية، كأن يتم الاستدلال على أن الجبهة العريضة الممتدة إلى الأمام علامة على سعة خيال المرء، أو أن الأذنين الكبيرتين يكون صاحبهما مجرمًا فيما بعد، وقد شاعت بعض هذه الأفكار عند الفلاسفة اليونانيين كما روج لها بعض الفلاسفة والكتاب العرب فيما بعد.
كان من بين الأفكار الدارجة كذلك، والتي كانت تسود الخيال الشعبي هي الفروق بين الرجل والمرأة، أن المرأة كائن مختلف اختلافًا شاسعًا عن الرجل ومزاجها أكثر غموضًا واصطناعًا من الرجل. والغريب أن كثيرًا من الفلاسفة والمفكرين قد وقعوا في فخ هذه التصورات الغريبة عن المرأة إلى حد صياغتها في شكل نظريات مثل ما قام به الفيلسوف (هربرت سبنسر) حين وصف الأنثى على أنها رجل ناقص توقف جهازه التناسلي عن الاكتمال، بالإضافة إلى آراء (سيجموند فرويد) الذي كان يرى أن المرأة تعاني من الشعور الدائم بالنقص والحاجة إلى الحب؛ وذلك لأنها تُعاني من مرض حسد القضيب الذي يوجد لدى الرجل ولا يوجد لديها مما يجعلها دائمًا تبالغ في التجمل والتزين لتعويض ذلك النقص.
وقد أثبتت البحوث الحديثة ذات المنهج العلمي أن كثيرًا من الفروق بين الرجال والنساء هي فروق مبالغ فيها بخلاف الفروق الفسيولوجية والتشريحية الواضحة. وقد أوضحت تلك البحوث أنه لا يوجد دليل على أن المرأة أقل ثقة بنفسها أو أقل ذكاءًا من الرجل وغيرها من الافتراضات والنظريات غير العلمية. ونجد أنه من بين الأفكار الدارجة الأخرى التي تتردد بين الناس في شكل نظريات علمية هي تلك التي تدّعي أن كافة العباقرة هم في الأساس مرضى نفسيين، مثل (نيتشه) الذي كان يُعاني من الزهري و(دوستويفسكي) الذي كان يُعاني من الصرع وغيرهما من العباقرة المرضى، والحق أنه ليس هناك دليل علمي على أن المرض النفسي يولد العبقرية أو العكس، لكن هذا من أهم الصفات السيئة التي يتمتع بها التفكير الدارج وهي القفز إلى التعميم السريع.
اكمل قراءة الملخص كاملاً علي التطبيق الان
ثقف نفسك بخطة قراءة من ملخصات كتب المعرفة المهمة
هذه الخطة لتثقيف نفسك و بناء معرفتك أُعدت بعناية حسب اهتماماتك في مجالات المعرفة المختلفة و تتطور مع تطور مستواك, بعد ذلك ستخوض اختبارات فيما قرأت لتحديد مستواك الثقافي الحالي و التأكد من تقدم مستواك المعرفي مع الوقت
حمل التطبيق الان، و زد ثقتك في نفسك، و امتلك معرفة حقيقية تكسبك قدرة علي النقاش و الحوار بقراءة اكثر من ٤٣٠ ملخص لاهم الكتب العربية الان